التنمية المستدامة
يونيو 21, 2021
لماذا الدبلوماسية المجتمعية؟
يونيو 26, 2021
Show all

ندورة حوارية بعنوان “دور الاسلام في حل مشاكل الشرق الأوسط”

في تاريخ 11/06/2021 نظم مركز الدبلوماسية المجتمعية في شمال وشرق سوريا ندوة حوارية حول دور الاسلام في حل مشاكل الشرق الأوسط

 

الدكتور: علاء آل رشي
مدير المركز التعليمي لحقوق الانسان ألمانيا, وعضو مؤسس في المجلس الأوربي الكردي الإسلامي في ألمانيا

الاسلام بفضل هوى الحكام ومزاجية العوام تحول من جزء من الحل إلى جزء من المشكلة . البحث عن دور للاسلام في هذا العصر وكونه يستطيع أن يقدم نوعاً من الحلول هذه تعتبر لفتة وبادرة طيبة الحديث عن الاسلام كظاهرة تاريخية يقودنا الى نقض العقل العربي والمسلم في عمومه .حيث يتوقف دائما على الاطلال ويتغنى بها وهذا الامر وقع فيه الطرفان المتناقضان وهم أدعياء التجديد الذين لا يحسنون التعريف بالاسلام إلا أن يسوقوا مشاكل الماضي والخلافات التي حصلت ,ويقدموها على أنها هذا هو تاريخكم وثقافتكم أوالطرف الأخر الذي لا يعرف الاسلام إلا من خلال إدارة عقارب الساعة إلى الوراء وتناول المسائل التي مضى عليها الزمن والتي تجاوزها أيضاً العقل المسلم في الكثير من طروحاته المعاصرة

فإذا أردنا التحدث عن الاسلام لا أعتقد أنه من الجيد أن نربطه بنشئته ونتحدث عن الصور التي كانت سائدة وقام بإصلاحها أو إلغائها أو إضافة ما يناسب الواقع الذي نشاء فيه , لكن دعنا نتحدث عن ما هو اشمل من القيم التي اضفاها الاسلام والتي تصلح بعيداً عن جغرافية نشأ فيها أوتاريخ نشأ فيه , أول تلك القيم أن الاسلام تحررمن إملاء السياسة والسلطة فأول شرط من دخولك الاسلام هو أن تكون متمرداً وعندما تقول لا إله الا الله فإنك تتبرأ من الأوثان السياسية والاقتصادية والاجتماعية ,

وعندما نفهم هذا السياق الذي بدأ الاسلام يستفتح العقل والإرادة به ننتقل إلى الجانب الأخر, الديناميكية , القرأن ليس كتاب بركة وإنما كتاب حركة ,وهذا يعني أن الصلاة إذا لم تكن لها ظلال على أرض الواقع وتنهي عن الفحشاء وتنهي عن المنكر لن يكون لها أي قيمة,لا في رصيد الصلاح الفردي ولا في الإصلاح المجتمعي.

هنا نعود إلى إن الاسلام حتى يكون له دور ينبغي أن يرتبط بقيمه التأسيسية , القيم التي كانت متحررة تماماً من خراج الحاكم ولذلك نرى بأن العقلاء من المسلمين يقولون لك لا يزدهر دين في مجتمع مقهور لأنك مهما حاولت أن تنادي بالتجديد والإصلاح فإن عجلة

السياسة وعجلة الإعلام الممنهج يقوم على بث ثقافة راكدة باسم الاسلام وثقافة تجمل الواقع باسم الاسلام ولذلك نحن نتسائل أين صيحات عبد الرحمن الكواكبي , جمال القاسمي , محمد رشيد رضى , محمد عبدو . الكثيرون ذهبت صيحاتهم في الهواء ذلك لأن الرأس السياسي لا يمكن أن يسمح لك بالتجديد ,وهذا يقودنا إلى العامل الأخر وهوعامل بنائية الاسلام و لايمكن أن يبنى الاسلام من غير عقل حتى أن الأحكام تسقط بمجرد ذهاب العقل والتكاليف لايُلزم بها إلا العقلاء. وهذا يقودنا إلى البند التأسيسي الثاني لقيم الاسلام وهي الحرية ,الانسان بلا حرية لا يمكن أن يعبر عن ديانته ولا يمكن أن يفهم نص خلّاق ابداعي ولذلك نحن نتحدث عن أثر الاسلام القائم في الماضي والراهن كقيم تحررية , كقيم إدارية وئلا تصبح رحمة في مفهوم المسلمين ,والتي هي رحمة فقط على الأموات, وأنت تستجدي القرأن في قراءة نصوصه على الأموات

لكنك لاتستطيع أن تجعل الرحمة يتداولها المسلمون اليوم فيما بينهم بدءاً برحمة الحاكم بالمحكومين ,ورحمة المحكومين فيما بينهم سواء في دائرة المؤمنين من ملة واحدة أو سواء كانت دائرة المسلمين والغير المسلمين سواء كانوا مسيحيين أو يهود أو ايزيديين أو هندوس أو أي ديانة أخرى

إذاً تعريف الاسلام بأنه هو إرادة متحررة وعقل يقظ هذه القيم في أساسها التي جاءت بناءاً على كلمة إقرأ تجعلنا نعيد الذاكرة بأن جوائز النصر لا تسقط من السماء وإن الله لا يصنع الحلوى للكسالا والنائمين والمتخائبين وإننا إذا أردنا أن نقدم دوراً للاسلام فعلينا أن نعترف بأن الرهق الذي نحن فيه يتحمله طرفان, طرف الإرادة السياسية التي قامت بتمويه الاسلام وبألباسه إلى درجة إن بعض المثقفين وفي مقدمتهم الصادق الميهوم قال : الاسلام في الأسر لأن الاسلام لم يقدم كما بدا كلغة تحررية وكثورة مجتمعية وفكرية وفي طرف أخر يتحمل إثم ما نحن فيه ,هوى العوام الذين للأسف ومن فصّل هذا الهوى هو أدعياء التجديد وأدعياء وحراس العقيدة الذين كانوا يستلهمون معارك ماضية خلبية .

الاسلام قام على بنود خمسة في نشأتها وهي قيم صالحة للزمان والمكان و كانت أول صيحة أُنزلت على محمد عليه الصلاة والسلام هي اقرأ , ثم لو تأملنا السردية التي تجسد النصوص القرأنية والصحيح على رسول الله عليه الصلاة والسلام واجتهادات العقلاء على مدى الدهور لوجدنا أنها لا تخلو من ثلاثية التخطيط , التنظيم والتنفيذ,وأيضاً بالإضافة إلى بناء الروح .

هذه هي القيم الأساسية التي أضفى الاسلام تغييراً في ذلك الزمن والتي حاربها المسلمون عبر أزمانهم للأسف مع إنها هي القيم الأساسية .ماذا يعني أن نتحدث الأن عن تجديد للاسلام والاسلام لايستطيع أن يخرج من أركان الوضوء ,الحيض والنفاث , أو أنه لايستطيع أن يقدم تجديداً يحول الاسلام الى مادة فزاعة , هذا تراثكم انظروا ماذا يقول الفقهاء, انظر ماذا يقول فلان, يحول الاسلام إلى مادة دسمة من التخويف وإلى مادة مرعبة للأخرين بحجة التجديد. بينما كنا نرى العقلاء مثلا لو رأينا سيرة محمد عبدو هو الذي أضاف المقاصد إلى الأزهر وفرض أن تكون مادة أزهرية نشطة , لو تأملنا عبد الرحمن الكواكبي لم يكن ينتظر منه أن يشتم الفقهاء أو أن يتحدث عن الفقه التراثي فهو ديوان للعقل فيه أشباح وفيه أرواح وفيه ديناصورات وفيه سلاحف وفيه عمالقة وفيه أقزام ولايمكن أن اختصر الفقه والتراث بقال فلان وقال فلان, لأن الذي يرى ابن تيمية في لحظة من اللحظات مشرق سيراه نفسه أو طرف أخر إن ابن تيمية هو مظلم وهو أبو التكفير , السبب هو إننا لم ننشأ في بيئة حاضنة يرعاها الاسلام .

كما إننا ومن باب الصراحة لا يمكن أن نجعل الاسلام كما يحلو للإخوان المسلمين أو لغيرهم الحل, بمعنى أن نزج الاسلام في مشاكل مع الواقع ومع الراهن ونقول بأن الاسلام هو الحل,

الاسلام يمكن أن يقدم جزءاً من الحل لأن الاسلام لم يأتِ بنظرية متكاملة في السياسة وإنما جاء ليرشد قيم السياسة وكذلك ليرشد قيم الاقتصاد ويرشد علم النفس وعلم الانثروبولوجيا وباقي العلوم ,لكن أن نزج الاسلام في معركة أو في واقع هو لم يصنعه , الاسلام لم يصنع هذا الواقع وإنما صنعناه عبر أُسر تعاقبت منذ استشهاد علي بن أبي طالب وتولي الأسرة الأموية ثم الأسرة العباسية ثم وثم وثموصولاً إلى الأسرة التركية التي أسلمت العالم العربي والإسلامي إلى حالة إجهاض فكري والإجهاض النفسي والأخلاقي الذي لا زلنا نعيشه حتى هذه اللحظة

نشتر آلامه ونجر مشاكله إلى الوقت الراهن

القيم التي أضاء الاسلام فيها والتي دعى إليها محمد عليه الصلاة والسلام في الصحيح, العقل النبوي وفي اجتهادات الكبار وبالإمكان أن نذكر هنا ابن خلدون , ابن رشد , ابن تيمية , ابن متيم , السرخسي , أبو يوسف وحتى أبو حنيفة ,الكبار من العقلاء كانوا يعلمون أن الاسلام هو ثورة تحررية ولذلك أنت ترى أنه لم ينشأ الاسلام في أحضان الحكام وإنما نشاء كند لهم .

وكل من أراد أن يكون لهم جزءاً من التجديد التمس أول الأمر الاصلاح السياسي لأن الاصلاح السياسي يأتِ من خلاله ردم الغش الثقافي وإصلاح للمزاج العام

نحن الأن في أوروبا هل تسودنا ثقافة معينة؟ نحن نرى أن الشعوب الأوروبية لا تختلف عن شعوب الشرق الأوسطية مع احترامي أنه لا يمكن أن نقول شرق أوسطية لأن الأمر متداخل لكن الشعوب تُساق بإدارة سياسية , تجد عندنا البوذي ,الهندوسي , المسيحي واليهودي , الكل يتلاقون, ليس على فكرة جلد تراثهم , لا أحد يتحدث لأن كل تراث الأمم فيه بشاعة وفيه نقاء وفيه تقدم والناس يلتقون على القيم , العدل , سيادة القانون , تجريم المساس بالأمنين , تجريم المساس بالمدنيين ولا يجوز أن تستخدم دينك كمنصة للتكفير , هذه القيم كلها موجودة ومدفوثة في الاسلام وهي قيم حضارية خلاقة لكننا نحن كمسلمين حوَّلنا الخطاب الاسلامي إلى خطاب معضوي كما قلت سابقاً, كطرفي نقيض إما مُجدد يأتِ لينكش لك الماضي ويقول هذا تراثكم عليكم أن تتحرروا منه وهو بذلك يتواطئ مع السلطة السياسية ويتواطئ مع فقهاء الظلام الذين هم ايضاً يحولون الاسلام إلى جملة من المعادلات المعضوية التي لا تقدم حلاً.

إذا أردنا أن نعيد للاسلام دوره في أن يقدم حلاً أو أن يكون جزء من العبقرية الإنسانية في صياغة الحلول فعلينا أولاً ان نرفض تأميم الاسلام وتحويله إلى جزء من ممتلكات الدولة هذا الأمر كما في أوروبا و ألمانيا والكثير من الدول الأوربية ,رفضت تـأميم الدين.

للدين مؤسسات مستقلة بعيدة عن التركيع أوالتجويع أو التطويع , يعني عندنا هنا مركز في مدينتنا ومسجد لم يتدخل الألمان, لنُلزم انفسنا بالدعاء للسلطة أو أن نقول آية وحديث ومدح السيد الرئيس ,هذه المعوقات كلها في نشئة الاسلام وفي عدم وعينا للاسلام جعل الاسلام يتحول إلى فم يقبل يد السلطة أو لسان يتغنى بالواقع أو يجلد الماضِ والتراث , ومشكلتنا مهما حاولت أن تتحدث عن الاسلام دون رفع السلطة السياسية عنه فهو اسلام قاصر ولذلك ,كان الأمير شكيب ارسلان واضحاً رحمه الله عندما قال: ضَرَّ الاسلام الجمود والجحود , أن تُجحد فكرة الاسلام بمعناه الحقيقي أو أن تجمد أن تكون جامداً قبولياً من مَن يعيش ويحول الاسلام إلى ضريح يعبد بالإلتفاف حوله دون أن يقدم نوعاً من الاسلام الواقعي والعملي.

هناك محاولات تجديدية يمكن أن تعول عليها كما قال الدكتور راشد الغنوج و كما قام الدكتور حسن الترابي , كما قام عباقرة في الاصلاح السياسي عبد المتعالي الصعيدي , محمد عبدو,ورشيد رضى, لكن مع هذا علينا أن نضيف أولاً لم يجلدو التراث وأرادوا أن يجعلوا من الاسلام جزء من الحل فطلبوا تنويرالعقل المسلم وتحريره من الإملاء السياسي ولذلك كان أخر همس للشيخ محمد عبدو في أذن تلميذه محمد رشيد رضا , إحذر على الاسلام من صنفين , الذين حولوا الدين إلى دكاكين والسلطة وعلمائها ,هذا ما قاله وهذا ما لخصه أيضا الشيخ رحمه الله حكيم الاسلام محمد بن غزالي عندما قال : كنت أرى أناساً يسمنون والدين يرق وينحف,هؤلاء الذين يحولون الاسلام الى مشاكل.

أذا أردنا أن نقدم الاسلام كجزء من الحل في هذا الوقت الراهن الذي نعيش فيه علينا أن نستلهم من القيم الكبرى التي هي العدل , حرية الأديان (لكم دينكم ولي ديني ) , سيادة القانون , هذه كلها لا أريد أن أسرد صحيفة المدينة المنورة وعلاقة الاسلام التي أقامها الرسول عليه الصلاة والسلام مع اليهود والنصارة وغيرهم من أصحاب الأديان السماوية , كانت مبنية على فكرة المسالمة وليست الاسلام أي لكم دينكم ولي ديني ,ولكن الرهق السياسي حوَّل الاسلام إلى نوع أنت ينبغي أن تكون تسبح بحمد السلطة , أن تحول الاسلام إلى فزاعة تُكفرفلان وتُكفر فلان, ولكن عليك أن تنام ملئ عينك وتغط في نومك إذا أتى الأمرعلى السلطة ,

فتبرر لها قتلها وتحالفها ضد الوعي العام , الاسلام حتى يكون حلاً ينبغي أن نراهن على القيم التي أطلقها منذ ولاته, القراءة المسطورة والقراءة المرئية الكورية حتى نستحضر بُعده الروحي ونستحضر أيضاً فكرة التخطيط ,التنظيم والتنفيذ, هذه كلها قيم موجودة .المسلمون لا ينقصهم اليوم الحماسة بمقدار ما ينقصهم الوعي .

الأنظمة تستطيع أن تجير مشاعرالمسلمين نحو اختراق ما يقوم به جاهل لكنها لا يمكن لها أن تجمع المسلمين على فكرة العدل وعلى فكرة صناديق الإقتراع وعلى فكرة محدودية الحاكم ,على فكرة أن الحاكم هو أجيرعند الشعب وليس الشعب هومَن ينبغي أن يقول بالروح بالدم نفديك يا أبو الجماجم , هذه المعادلات ينبغي أن نضعها في حساباتنا حتى نقدم الاسلام كجزء من الحل الذي نحن نرى اليوم للأسف بحكم الإملاء السياسي تحول الاسلام إلى جزء من الفزاعة .

هناك تنظيمات لا أريد أن أنشغل بها , السيدة هيلاري كلينتون كانت أصدق منها عندما قالت : نحن مَن انشأنا هذه التنظيمات , لم يلجأوا لابن تيمية ولا للشافعي ولم يلجأوا لشيء, فالقاتل على كل حال سواء كان متدينا أو غير متدين عندما يريد أن يبحث عن ذريعة يلجأ لك ويبرر له ولا يحتاج إلى تراث .

حتى لا ننشغل بهذه الألاعيب التي السلطات تدعمها , رأينا ان بعض المجددين قدموا الاسلام بصورة داعشية مختلفة تماماً عن داعش في صورتها ولكنها تلتقي تماماً مع داعش .

إذاً لقاء الأضاد ,أنا أدعو ذلك بلقاء الأضاد , وإن كان واحد متذمت وواحد متفلت لكنهم دواعش في النهاية وإن كانوا حليقي اللحية .

وإن كنا نتسائل عن القيم فقيم الاسلام التحررية هي التي ينبغي أن نركز عليها , لدينا مشكلة كبيرة في الوعي الجماهيري هذه المشكلة يتحمل وزرها الماكينة السياسية والعصا السياسية , وأيضاً بعض رجالات الدين الذين قبلوا أن يكونوا جزءاً من هذا الأمر ثم علينا أن نعيد نصاب القضايا الكبرى كما يسميها مالك بن نبي ,التي تتجلى بالحرية وبإقامة المسؤولية , لن يرعى الله أمة متثائبة متكاسلة , رحم الله مالك بن نبي الذي قال : وإنها لشريعة غراء ,أدِ الواجب الذي عليك تَنل الحق من رب السماء.

إحياء ثقافة المسؤولية الذاتية , إحياء ثقافة التحرر من الرهق السياسي ,إحياء ثقافة التحرر من الإملاء الثقافي أيضاً.

عندنا الكثيرون طرفي التجديد المتناقض ينشغل بإثارة المسائل الميتة بحجة تجديدها والرد عليها أو طرف أخر يذكر الاسلام في صورة متقزمة , زمن القصر السياسي يحيل الاسلام إلى قزم ولا يمكن أن يقدم الاسلام حلاً مادامت السطوة السياسية تُرعب الجميع ,الاسلام لا يزدهر في مجتمع مقهور ,الاسلام لايمكن أن يقدمه أناس يرضعون من ثدي السلطة , الاسلام لايمكن أن يقدمه أناس لم يفهموا معناه في مجمله العام .

قضايا التحرر هي القضايا التي ينبغي أن نركزعليها , كفانا تسويقا للاسلام على إنه فزاعة , فالاسلام يمكن أن يكون جزء من الحل إذا أحسنا إعادة تعريفه وفق مقاصد ه العليا ووفق مايسميه بعض العقلاء بفقه الميزان,وهذا ما أنا اؤمن به وأراه إنه جزء كبير يتحمل وزره الاصلاح السياسي أولاً, لأن بدون الإصلاح السياسي لايمكن أن تصلح المنظومة التعليمية ومن دون إصلاح المنظومة التعليمية لا يمكن أن تصلح المنظومة الإقتصادية وهذه هي ثلاثية الإصلاح في مجتمعاتنا إذا أرادنا أن ننهض.

 

الأستاذه: هبة الله دبليز
مديرة مكتب جمعية السلام الإنسانية في قامشلو, وعضو في مؤتمر المجتمع الإسلامي الديمقراطي

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة المائدة الأية 3

اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا

لقد مر الإسلام بمراحل كثيرة وعصور عديدة منذ نزول الوحي الإلهي على سيدنا محمد صل الله عليه وسلم

الى يومنا هذا

عندما بدأت الدعوة الإسلامية في جزيرة العرب عانت الكثير من العراقيل والصعوبات حيث سخر النبي 13 علما في مكة في سببيل نشر هذه الدعوة

الى ان نزل الحكم الإلهي بالهجرة الى المدينة المنورة وهنا بدأت مرحلة تأسيس وبناء الدولة الإسلامة

ومن أهم ماجاء في هذه المرحلة هو وثيقة المدينة المنورة التي حققت العديد من المبادئ منها المساواة بين الأفراد احترام الملكية والحرص على أهمية التعامل مع اليهود بالعدل والمعروف وغيرها من المبادئ

وسرعان ما انتشر الاسلام في جزيرة العرب بل بدأ يطرق أبوابه في بلاد الشام

لكن مع وفاة النبي صل الله عليه وسلم واختيار المسلمين لخليفة لهم بدءا بأبو بكر الصديق وصولا الى الإمام علي بن أبي طالب ومن هنا بدأت الخلافة الراشدية وتخللتها الكثير من الفتن والخلافات وكان مركز الدولة في المدينة المنورة

بعد وفاة الخليفة علي بن أبي طالب في عام 40 هجري

وحد الحسن بن علي الأمة بتنازله عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان وبهذا بدأت الخلافة الأموية التي استمرت تسعون عاما من 41- 132 هجري وقد امتد الاسلام فيهاالى دمشق ومصر والعراق وسمي العصر الأموي بالعصر الذهبي لانه تمت فيه الكثير من الانجازات حيث استكمل القوة البحرية وأنشأت دار لصناعة الأساطيل والسفن

وكان مركز الدولة في دمشق

لتأتي بعدها الخلافة العباسية أو العصر العباسي منذ 132- 656

واستمرت الخلافة العباسية 700 سنة وشهدت توسعا كبيرا الى العراق وجنوب شرق اسيا وايران

وكانت قوية حتى القرن الرابع الهجري لكن العباسيون انشغلو بالصراعات الداخلية والحروب الا أن عهد هارون الرشيد الذي استمر من 170- 193 هجري إلا أنه استطاع أن يقضي على أغلب حركات النزاع لفترة ما لكن رغم قوة الدولة العباسية الا إنها كثرة المعارين لهذا الحكم أدى الى ضعف قوتها وتم قتل الخليفة على يد المغول وكان مركز الدولة في بغداد

ليبدأ هنا عصر المماليك الذي استمر من 648- 922 هجري

وكان مركز الدولة في القاهرة لتأتي الدلة العثمانية التي استمرت 600 عام منذ 1299- 1923

وكان مركز الدولة في القسطنطينية

لقد مر الإسلام بالعديد من الفتن والصراعات الداخلية والحروب كل هذه العوامل أدت الى ضعفه وإفشال أغلب محاولات التجديد في هذا الدين بالإضافة الى ظهور الحركات الفكرية والأحزاب السياسية التي سميت فيما بعد بالاسلام السياسي

جميعنا يعلم أن الدين الإسلامي هو دين صالح لكل زمان ومكان وهو أسلوب حياة شامل وواسع النطاق ينظم العلاقة بين الخالق والمخلوق وبين البشر فيما بينهم

يقول الله تعالى في سورة الأنبياء الآية 107

( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) أي ان الاسلام هو رسالة عالمية للناس أجمعين أساسها الرحمة وليس حكرا على فئة ما أو شعوب معينة مثلا الإسلام لم يبعث للعرب وحدهم والدليل هناك 1،8 مليار مسلم يشكل العرب منهم 20٪ بينما يعيش معظمهم في جنوب شرق اسيا وماتبقى منهم كأقليات في الدول الأوربية والأمريكية

إذن الإسلام هو دين يرسخ العلاقات الانسانية في المجتمعات المختلفة دين التسامح والعدل ليس دين العنف والتكفير

إن مانعانيه اليوم من الإسلاموفوبيا أو ارتباط الاسلام بالإرهاب إنما هو نتاج أفعالنا نحن المسلمين ونتيجة الموروث الديني ولازلنا في صراعات داخلية فيما بيننا وصراعات عرقية وسياسية جميع هذه العوامل ادت الى وجود الجماعات المتطرفة التي ترهب وتكفر وتستبيح الدماء وتسلب الاراضي باسم الدين ان الاسلام برئ من هذه الجماعات التي فهمت الاسلام على مزاجها والطامة الكبرى أنهم يستشهدون بأيات من القران لشرعنة سلوكياتهم وينسبونها الى الذات الالهية

لذلك لابد من الرجوع الى منبع الدين الاسلامي الا وهو القران وإعادة قراءته وفهم معانيه وتجديد الخطاب الديني ولابد من فتح باب الاجتهاد وايجاد فقه معاصر يتماشى مع وقتنا الحالي مع القضايا التي نعيشها

أستطيع القول أن الإسلام اليوم يعيش واقعا مريرا مصاب بشلل معنوي فكري في أغلب مجالات الحياة في فهمنا الصحيح لديننا وتطبيق أحكامه بالشكل السليم بل نكتفي ببتلاوته فقط وتصفح التفاسير متجاهلين تشريعاته التي تتطابق مع كل زمان ومكان عاجزين عن تسخير طاقاتنا العقلية ومواهب ناصر الشخصية العلمية والعملية لتحقيق أهدافنا لذلك نحن نغرد خارج السرب لابد من القراءة وطلب العلم والفهم إن أول مانزل في القرأن هي أقرأ لان دين الاسلام هو دين العلم وليس فقط دين العقوبات والعادات

لذلك لابد لنا من نقلة نوعية ونهضة فكرية لإعادة فهم القرأن الكريم بالاستعانة مع الأحاديث النبوية التي تتطابق مع أحكام القرأن الشاملة لا أن نبقى أسى لتعالين الدين الذي مضى في القرون الغابرة التي حددت وقيدت الاسلام بإطار وعلماء ومدارس فقهية معينة وأغلقت الأبواب في وجه البحث والتجديد والعجيب أننا نتوارث هذه التعاليم ونقوم بتطبيقها دون أن نفكر أو أن نحلل أن هل هذا هو الإسلام بالفعل ولكن كل هذه الوسائل لن تجدي من الإصلاح والتغيير شيئا إن لم يكن هناك أسس وقواعد ترتكز عليها وتعمل من خلالها ثم تستمد قوتها من المجتمع الاسلامي المتججد الوسطي دين الرحمة والمحبة والسلام

الدكتور علي مهدي:
دكتوراه في القانون الدستوري, مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية

إن الدين هو أحد نتائج الوعي الاجتماعي النابع من الواقع الاجتماعي

وإن نصوصه تتعرض للعدين من التأويلات تبعا للتطورات التي تجري على الحياة العامة

وللدين وظائف اجتماعية متناقضة وله أيضا دور في حركة التغيير الاجتماعي ومنها التغيير السياسية

وكان للدين دور إيجابي في فترة الاستعمارحيث أصبح الدين الراية الوطنية للصراع الوطنيا

إن الدين ليس عاملا أساسيا في بناء الحضارات التي شهدها العالم

وان الفترة الذهبية من الحضارة العربية الإسلامية، التي قدمت انجازاتها عديدة وفي المجالات المختلفة، لم يكن الدين محركا لها

هو ان الإسلام دين وليس إطار لدولة أو لحركة سياسية موحدة تسعى أن تضع الحلول لكل المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع في الشرق الأوسط.

إن احد إشكالية الفكر الديني والإسلام السياسي تحديدا هو توظيفه من قبل القوى الدولية والإقليمية وكذلك السلطات الحاكمة في دول الشرق الأوسط من اجل خلق توازنات تؤمن استمرارها في السلطة، التي ساهمت بشكل وبأخر من تضخيم حجمه ووزنه السياسي وغضت النظر عن طبيعة خطابه الداعي إلى نفي الأخر وإقامة الدولة الدينية.

وأظن الكثيرين باتوا مقتنعين الى كيفية استثمار الدين الإسلامي في الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي حيث تم تخصيص المئات من الملايين من الدولارات لتشجيع نشر الفكر الديني من خلال تشكيل المنظمات المعنية في هذا المجال والتي توجت في الحملة الكبيرة لتجنيد المقاتلين في أفغانستان بحجة محاربة السوفييت والتي ألان مقاتليها هم على رأس العديد من حركات الإسلام السياسي المسلحة او التي اتخذت الطابع السلمي في عمله

إن احد إشكاليات الفكر الديني في المنطقة وحركاته السياسية هو في عدم قدرته بإيجاد الحلول والإجابات الواقعية للمشاكل والتحديات القائمة من منظوره الفكري المرتبط بمقولات ومفاهيم لم تعد تتلاءم مع إيقاع العصر الذي تحول في ظل العولمة الرأسمالية الى قرية صغيرة بالرغم من قدراته في العمل الأهلي الخيري، واستحواذه على طاقات الساخطين والمتذمرين من سياسات الأنظمة القائمة, وما زال الفكر الديني يتسم بالضبابية بخصوص الموقف من القوميات غير العربية التي لابد من الاعتراف بحقوقها القومية والسماح لها بالتعلم بلغتها ونشر ثقافتها وكذلك بالنسبة للطوائف الأخرى, وكذلك الموقف من المرأة الذي ما زال الفكر الديني لم ينصفها باعتبارها نصف المجتمع ومساواتها مع أخيها الرجل في كل المجالات بما فيها الحق بتولي الوظائف العامة كالقضاة وحتى الرئاسة، حيث مازالت العديد من دول الشرق الأوسط متحفظة على التوقيع على عدد من الفقرات والمواد للمعاهدات الدولية التي تعني بإنصاف النساء بحجة مخالفتها للشريعة. ومن هذا الاستعراض ان من الصعب على الفكر الديني ان تكون بيده الحل لمشاكل الشرق الأوسط إلا إذا تخلص من وصايته على المجتمع باسم المقدسات، وان الحل هو من خلال خلق الإقناع ووفق حاجيات المجتمع الآنية وعبر المؤسسات الدستورية في ظل الدول الوطنية.

الدكتور : محمد حبش
أستاذ في جامعة أبوظبي

اؤيد تماماً ماتفضل به الدكتور علي واعتقد بأن هذا هو بالضبط ما تقوم به كل الحكومات الإسلامية , حيث الحكومات الاسلامية كلها باتت واقعية وباتت تطالب بدولة القانون ولكن للأسف التطبيق ليس دائما كما هو الإعلان

لكن أصبح هناك نقاط مشتركة كثيرة فلم يعد هناك مشكلة ولا توجد عقبات كثيرة ,مثلاً أنا أعيش في بلد الإمارات , في الإمارات القانون المدني ينظم الشركات والعلاقات وقيام هذه الأبراج الهائلة والشوارع وهذه الجسور كلها عبارة عن فقه اسلامي والتي تستطيع تلبية متطلبات المجتمع بشكل حضاري ويتماشى مع الفقه الإسلامي

أنا شخصياً أقول بأنه لم يعد هناك أي مشكلة ويمكن للدول الاسلامية أن تقدم وتطبق أي قانون .

أما عن الإختلاف مابين القوانين في بلاد الغرب والقوانين الاسلامية فإنها قليلة جداً وأجدها قوانين ضيقة جداً وواضحة , يقول الله تعالى (قد فُسر لكم ما حُرم عليكم ), كحكم شرب الخمر مثلاً ,وفي جهات محددة كثير منها ذات طابع شخصي

يمكن الفارق الوحيد بين الباب المفتوح في الدول الأوربية (الغرب) والمشكلة الموجودة في بلاد الاسلام هي الأسرة قضية قدسية الأسرة ومنع العلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة , فهي قضية أو قضيتين ليس أكثر أما باقي القضايا فمتفق عليها بشكل حضاري

لأن الاسلام يجب أن يتماشى مع الحضارة الحديثة .

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *