في صباح يوم 17 شباط/فبراير، انعقدت جلسة حول “عالم بديل يتم بناؤه في شمال شرق سوريا”، نظمها مركز الدبلوماسية المجتمعية في شمال وشرق سوريا، بالتعاون مع حركة مؤتمر ستار النسائية ومركز جينولوجي. شارك 50 شخصًا من جميع أنحاء العالم عبر الإنترنت للتعرف على أساليب الثورة التي يقودها الشعب والنساء في شمال وشرق سوريا. وشرحت مديرة الجلسة نورشان حسين والمتحدثتان بروين يوسف عضوة حزب الاتحاد الديمقراطي وزوزان سيما عضوة أكاديمية جينولوجي وجهات نظرهم حول تطور الثورة في شمال وشرق سوريا.
وفي بداية الندوة تم عرض فيديو قصير للتعريف بثورة روجآفا ونموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية الذي بني على قيم الأمة الديمقراطية. بعد ذلك تحدثت عضوة المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي “PYD” “بروين يوسف” حول العقد الاجتماعي ونموذج الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، كما تحدثت عضوة أكاديمية جنولوجي “زوزان سيما” حول التحول الديمقراطي للمجتمع من خلال نضال حرية المرأة.
نظام الأمة الديمقراطية طريق الخلاص الوحيد
في المحور الأول من الجلسة، تحدثت “بروين يوسف” عن انطلاق الثورة 19 تموز، وقالت: “ثورة روجآفا مستمرة منذ 12 عاماً وقد كسبنا العديد من الأصدقاء خلال هذه السنوات. وإن ثورة روجآفا بفضل تضحياتها الجسام التي قدمتها أصبحت الأمل والإلهام لحرية الإنسانية والشرق الأوسط، حيث تحظى بإعجاب جميع الشعوب حول العالم اليوم. فالثورة التي بدأت عام 2011 والتي سميت ربيع الشعوب، نحن كشعب روجآفا كنا جزءاً اساسياً من تلك الثورة، ومن المؤكد أن مشاركتنا فيها لم تأت من فراغ بل هي نتيجة نضال 20 عامًا ضد الاستبداد والظلم. كما أردنا أن نبني إدارة ذاتية ديمقراطية بمشاركة جميع المكونات من كرد وعرب وسريان وغيرهم واحتضان كافة الأديان والمعتقدات والقوميات في المنطقة. وكما هو معروف فإن النسيج السوري يتمتع بثراء كبير بحيث يمكن التعرف عليها من خلال ألوانها ومعتقداتها المتعددة، ولهذا السبب أصبحت ثورتنا أملاً لجميع المكونات، وفرصة لاستعادة هويتها وأصولها وثقافتها مرة أخرى بعد أن طمسها النظام البعثي على مدى عقود.
بالعمل معا بنينا الثقة مجدداً
وأشارت “بورين يوسف” عن الحرب الدائرة في سوريا قائلة: “بدأت الثورة في سوريا عامة بشعار “الشعب يريد اسقاط النظام”، ولكن في إقليم شمال وشرق سوريا كان هدف الشعب منذ البداية المطالبة بالتغيير والتحول والاعتراف بجميع المكونات. كما أننا جعلنا هذه المطالب هدفنا الأول، ولهذا بدأنا ببناء الكومينات والتعاونيات والمجالس. وكانت تلك الخطوة بداية مرحلة تاريخية بالنسبة لنا، فبدأنا بتنظيم الشعب حتى نتمكن من القضاء على العداء الذي خلقته الدولة القومية بين المكونات في المنطقة. ولهذا الغرض قمنا منذ البداية ببناء الثقة في المجتمع بين الأعراق والطوائف لان أيديولوجيتنا تعتمد على قوة المجتمع وإرادته الحرة ودائما ما كنا نتعرض لهجمات كبيرة من قبل الدول الإقليمية والنظام الحاكم، ورداً على هذه الهجمات، أنشأنا لجان الدفاع المدنية المشروعة لدينا حتى يتمكن المجتمع من الدفاع عن ثورته وإدارته الذاتية.
خُلق داعش لتدمير الثورة
وأكدت بروين يوسف أن الهجمات التي وقعت في شمال وشرق سوريا عام 2014 جاءت بعد إعلان الإدارة الذاتية بمقاطعاتها الثلاث، والذي اعتمد على أسس الديمقراطية المباشرة والوعي البيئي وحرية المرأة. وفي نفس العام تم وضع أول مسودة من العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية. وأرادت القوى التي عارضت الإدارة تدميرها من خلال مهاجمة كوباني. ورداً على ذلك اعتمد شعبنا على حقه في الدفاع االمشروع، والذي أصبح درعاً لحماية الثورة، والانتفاضة التي بدأت في كوباني توجت عام 2019 بالنصر في باغوز آخر معاقل إرهابيي داعش. بعد تحرير تلك المناطق من داعش، قام الشعب ببناء الإدارات الذاتية في 4 مقاطعات أخرى، وبذلك تم إعلان 7 مقاطعات في العقد الاجتماعي بصيغته الجديدة عام 2023.
حرية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا
و كما تحدثت “زوزان سيما” عضو أكاديمية جنولوجي عن ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا قائلة : لأن كفاح المرأة ونضالها أصبح واقعاً في العالم، فلدينا تجارب عديدة كحركة حرية المرأة الكردستانية، فلدينا نضال طويل بهذا الخصوص، ولذلك جمعنا تجاربنا ونضالنا على مر العصور للحصول على حرية المرأة. فنضالها لديه بعدين، بعد محلي والآخر عالمي. واستعباد المرأة قديم وتاريخي. ولذلك فإن طرق ووسائل مكافحة ذلك يجب أن تكون خلاقة وقوية. وفي هذا الصدد، فإن النظام الرأسمالي لا يريد تحرير المرأة، لذلك نحن نخوض حرباً ذات وجهين ضد الرأسمالية والليبرالية الجديدة. ورداً على ذلك قامت حركة حرية المرأة الكردستانية ببناء نظام جديد للمرأة وابتكرت أساليب جديدة للنضال مع أفكار وآراء القائد أوجلان فقد جعلنا المرأة مركز الثورة في كردستان والشرق الأوسط. إن الثورات لن تنتصر ما لم تقبل حرية المرأة. هذه التجارب والمشاريع تجري بالفعل في شمال وشرق سوريا حيث نرى النساء يقدن الثورة وينظمن أنفسهن في كل المجالات.
انجازات المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا
واشارت “زوزان سيما” إلى الإنجازات التي حققتها المرأة في شمال وشرق سوريا، وقالت: “على مستوى العالم نظمت المرأة نفسها من أجل حقوقها المدنية والإنسانية وشاركت في الانتفاضات كطبقة مظلومة”. ناضلت المرأة في حركة حرية كردستان من أجل حقوقهن الوطنية وبعد التسعينيات، بدأت المرأة تناضل من أجل حريتها وهويتها ووجودها، وتم تنظيمها في جميع مجالات الحياة في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث تشارك المرأة في مجالات شتى من الاتصالات والإعلام والاقتصاد والسياسة والفن والثقافة وغيرها. لديها منظمات مستقلة. لأن ثورة روج افا أصبحت فرصة لحرية المرأة. ولا شك أن هذه الإنجازات تحققت بصعوبة، لأننا ناضلنا ضد الآليات المناهضة للديمقراطية. أما الآن فإن النساء يعملن في جميع المؤسسات وحتى على مستوى القيادات فهن يمثلن المجالس والحركات النسائية. وحتى في المجال القانوني، هناك محاكم وقوانين تختص بالمرأة.
تغيير عقلية المجتمع
وفي الختام نوهت “زوزان سيما” إلى العمل الذي تقوم به أكاديمية جنولوجي باعتبارها أكاديمية تختص بعلم المرأة قائلة: “عملنا يرتبط أيضًا بحركة المرأة، وندرس القضايا الاجتماعية والمشاكل والصراعات، وتصبح الأبحاث التي نجريها أساس العمل الاجتماعي للحركات والمنظمات النسائية، وبالنسبة لنا القضاء على العنف ضد المرأة في الثورة، وبناء الأسرة الديمقراطية، وتحقيق حرية المرأة هي المعايير التي نعمل من أجلها والنضال لتغيير العقلية، ونحن نأخذ على عاتقنا هذا الواجب لتثقيف المجتمع بجميع مراحله بشكل مستمر بدءاً من المدارس الابتدائية إلى المستوى الجامعي، يتم تقديم دورات في علم جنولوجي، كما يتم دراسة قسمنا في الجامعة. ومن ناحية أخرى، لدينا علاقات مع جامعات عالمية حيث نقوم بتنفيذ مشاريع وأنشطة مشتركة معًا. إن العمل الذي نقوم به قد لا يكون مرضياً، لذلك نحن مستمرون في تطوير أساليب البحث والتعليم لدينا باستمرار.
والجدير بالذكر أنه قبل نهاية الندوة تم فتح باب النقاش حول مواضيع الندوة والتي لاقت دعم الجميع وشغفهم في معرفة المزيد حول تطورات ثورة روجآفا ودور المرأة القيادي فيها.
الندوة المسجلة على قناة اليوتيوب: