الواقع الرياضي في شمال وشرق سوريا
أكتوبر 9, 2022
الإسلام الديمقراطي وملتقى الأديان في شمال وشرق سوريا
أكتوبر 28, 2022
Show all

الواقع الاقتصادي و الاقتصاد المجتمعي في شمال وشرق سوريا

الواقع الاقتصادي، والاقتصاد المجتمعي في شمال وشرق سوريا

يتخذ اقتصاد الإدارة الذاتية الاقتصاد المجتمعي ركيزة رئيسة له، والتي يتشارك فيها الجميع لتأسيس اقتصاد محلي يسعى بالوصول إلى الاكتفاء الذاتي.

فمنذ بدء الثورة حدثت تغيرات جذرية في العديد من القطاعات، وكان من أبرزها والتي اعتبرت ثورة بحد ذاتها هي الاقتصاد المجتمعي الذي جاء كمنقذ للمجتمع، وعوناً له بعد أن كانت في ظل النظام السوري البعثي محكومة ومحتكرة من قبل فئة محددة من الأشخاص على حساب باقي مكونات الشعب السوري.

تحول الاقتصاد في ظل الإدارة الذاتية من وإلى المجتمع، وأصبح ملكاً للجميع، حيث بادرت الإدارة الذاتية منذ البداية إلى وضع الأطر المناسبة وصياغة آليات العمل الممنهجة للسير بخطى ثابتة نحو اقتصاد معتمد على الاقتصاد المجتمعي التشاركي يعود نفعه للجميع دون اقصاء أي فئة.

للحديث حول هذا الموضوع عقد مركز العلاقات الدبلوماسية المجتمعية في شمال وشرق سوريا بالتنسيق مع مكتب الإعلام في هيئة الاقتصاد ندوة حوارية تحت عنوان “الاقتصاد المجتمعي والزراعي في شمال وشرق سوريا”

مع كل من السادة:

أحمد حسن نائب الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد في شمال وشرق سوريا.

محمد دخيل الرئيس المشترك لهيئة الزراعة والري.

ليلى صاروخان الرئيسة المشتركة لهيئة الزراعة والري.

كاركر اسماعيل الناطق باسم الاقتصاد المجتمعي.

ـ أجاب على السؤال الأول السيد أحمد حسن حول التغير الحاصل في قطاع الاقتصاد، وتحوله تحولاً جذرياً في ظل الإدارة الذاتية إلى اقتصاد مجتمعي يشارك فيه الجميع ويعود نفعه للكل دون استثناء.

حيث أوضح بشكل أوسع سير العملية الاقتصادية في الإدارة الذاتية والسياسية المتبعة فيها بقوله:

ـ بداية أود التحدث والتنويه على أن الاقتصاد في أغلب دول العالم قائم على أساس النظام الرأسمالي الذي يجعل من المجتمع وبشكل تلقائي طبقي، وسوريا كانت من ضمن الأنظمة المتبنية للنظام الرأسمالي بشكل أو بآخر، وإن كانت في ظاهرها تبدي غير هذا حيث كانت السياسة المتبعة فيها هي سياسة التجويع على حساب بروز فئة منها متحكمة بزمام أمور الاقتصاد في البلد، وأدى ذلك إلى عدم المساواة وانكار الحقوق بالأخص في مناطق شمال وشرق سوريا، والتي تعتبر السلة الغذائية لسوريا لما تحتويه من نفط وزراعة. فبالرغم من كل هذه الثروات الموجودة إلا أن المكونات فيها كانت محرومة من كل شيء بل وصل قاطنوها الى مستوى تحت خط الفقر، وبالتالي أدت استمرارية هذه السياسية إلى انتقال الأغلبية للعمل في المناطق الأخرى أو الهجرة إلى الخارج.

وبقيام ثورة 19 تموز في شمال وشرق سوريا، وإعلان الإدارة الذاتية، والتي اعتبرت كولادة جديدة لمكونات المنطقة وكان التوجه منذ البداية نحو الاقتصاد المجتمعي لتغطية احتياجات المنطقة في ظل الأوضاع الصعبة آنذاك. عانينا وما زلنا نعاني من الذهنية القديمة بخاصة حول الأمور الاقتصادية والاحتكارات التي كانت تحصل. ومع مرور الوقت وبإصرار كبير من قبل الإدارة الذاتية نستطيع أن نقول بأننا تجاوزنا خطوات أشمل في هذا المجال ونسعى نحو الهدف المنشود اقتصادياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتوفير أكبر فرص للعمل ويتطلب هذا تعاوناً وجهوداً من قبل المكونات سواء المزارعين منهم والتجار أيضاً للنهوض باتجاه التقدم والعطاء، وخلق استقرار اقتصادي في المنطقة لأن الاستقرار الاقتصادي إن توفر سينعكس على كافة القطاعات بالإيجاب.

كهيئة اقتصاد بالنسبة لنا كل القطاعات من زراعة وتجارة وصناعة هي مكملة لبعضها البعض حيث قامت هيئة الاقتصاد بدعم هذه القطاعات بحسب الامكانات المتوفرة بهدف بناء أرضية اقتصادية متينة على عكس ما كانت في السابق حيث كانت تخرج المواد الخام من مناطقنا وتذهب لمناطق أخرى ولم يكن يستفاد منها. أما الآن فقد تجاوزنا هذه المشكلة وقمنا بإنشاء مصانع ومعامل بخبرات محلية. على سبيل المثال معمل الزيوت ومحلج القطن ومعمل الألبان والأجبان وغيرها. قد لا تكون هذه المعامل كبيرة ومتطورة جداً تغطي المنطقة بشكل كامل، لكننا نستطيع القول بأنها تسد قسماً لا بأس به من احتياجات السوق المحلية وتصبح بالتالي منافسة للمنتوجات المستوردة من حيث الأسعار وتساعد أيضاً على التقليل من الاحتكار في السوق، وتعتبر هذه المعامل مساعدة من نواحٍ عدة سواء توفير فرص عمل وتحقيق نوع من الاستقرار ضمن الأسواق في ظل الوضع الراهن والحصار المفروض من كافة الاتجاهات والهجمات العسكرية المستمرة من قبل دولة الاحتلال التركي.

من جهة أخرى تحدث السيد محمد دخيل حول قطاع الزراعة الذي يشكل المورد الرئيسي لشمال وشرق سوريا, والصيغة المتبعة للخطط التي ساروا عليها كهيئة لمواكبة العقبات التي واجهتهم في ظل التهديدات على المنطقة حيث قال:

نظراً لأهمية الزراعة في المنطقة لما تعتبر مصدر رزق ومورد رئيسي في المنطقة فمع بداية إعلان الإدارة الذاتية كان العبء الأكبر على القطاع الزراعي وكيفية استدامته وتطويره. حيث عملنا بدايةً على ركنين أساسيين أولهما: إنشاء ركن إداري رصين وناجح وأنشأنا مؤسسات إدارية من الصفر بدءاً من الخلية الأصغر والأساسية في الإدارة ألا وهي الكومون ومن اللجان الزراعية ضمن الكومون تم تشكيل إرشادات زراعية في القرى، والركن الثاني: هي توفير كافة المستلزمات للمزارعين، وتوقيف كافة المواد منتهية الصلاحية التي كانت تدخل المنطقة. وإلى الجانب الآخر قمنا من خلال مراكز بحوثنا العلمية بتحسين أنواع البذار والحفاظ عليها ومن المعوقات التي اعترضتنا حول هذا الأمر عدم تعاون المنظمات الدولية فيما يخص مسألة البذار والأدوية الزراعية مما صعب الأمر علينا وأجبرنا بالاعتماد على أنفسنا وبضمن الإمكانات المحدودة لدينا، وطُلب منا القيام بعمليات تحسين البذار لاستنباط صنف وعملية الاستنباط هذه يتطلب تعاون دولي كبير للحصول على النواة ومن ناحية فحص الأدوية والأسمدة التأكد من صلاحيتها تم إنشاء مخبر في الهيئة لتحليل هذه المبيدات والأسمدة وتحديد مصدرها.

وإلى جانب هذه العوائق التغير المناخي الحاصل في المنطقة من قلة الأمطار وكذلك الحصار الذي نعانيه. وعدم قبول دول الجوار من إدخال مصافي حديثة لتكرير النفط مما سبب ذلك ضائقة بمادة المحروقات، وبالمجمل وبالرغم من كل هذه المصاعب فإننا كإدارة ذاتية وهيئة اقتصاد عملنا بجهد مضاعف لدعم وتشجيع المزارعين من كل النواحي وفي كافة المحاصيل بحسب أولوية كل محصول من قمح وقطن وتم بناء العديد من البيوت البلاستيكية وقُدم الدعم لها لتوفير الخضار في الفصلين وجعل السوق في حالة من الاستقرار.

ـ وتطرقت السيدة ليلى صاروخان بالحديث عن العقبات حول مسألة الري من جانب الأراضي التركية، وقطع حكومتها المياه وخفض منسوبها والذي لحق بضرر كبير بالمحاصيل والمزروعات حيث أجابت:

مسألة المياه والري من المسائل الهامة والاستراتيجية بالنسبة لمناطق شمال وشرق سوريا لأن أغلبية مكوناتها اعتمادها الأول والرئيس هو القطاع الزراعي، ونظراً لتغيرات الظروف المناخية من شح الأمطار حيث أدى هذا الأمر إلى تراجع كبير من طرف المزارعين حول الزراعات البعلية والتسبب بخسائر مادية لهم، والذي زاد وفاقم هذه المشكلة أيضاً هي الدولة التركية لما تقوم به من أفعال لاإنسانية ومنافية للأعراف والمواثيق الدولية فيما يخص القوانين الدولية للمياه الاقليمية حيث تقوم بحجة إقامة السدود على أراضيها بقطع المياه وخفض منسوب مياه الأنهار في مناطق شمال وشرق سوريا والذي حول المنطقة إلى أراضي تعاني من التصحر وانعكس هذا الشيء سلباً علينا من ناحية عدم الزراعة وعدم سد احتياجات المنطقة من المزروعات واستيراد بعض الأصناف من المناطق الأخرى وأدى بالضرر الأكبر على المواطنين من خلال شراء المنتوج بأسعار عالية.

نستطيع القول بأن الدولة التركية تقف وراء تصعيد كل عقبة هدفها الرئيسي من ذلك هي إفشال الإدارة الذاتية وتسعى لذلك بكل ما تملك من وسائل ونحن كإدارة ذاتية وكهيئة اقتصاد نحاول جاهدين أن نحد من هذه العقبات من خلال حفر الآبار بطريقة مدروسة وتقديم كل ما يلزم المزارع لدعمه وتشجيع القطاع الزراعي. وننتظر من الدول الراعية لحقوق الإنسان والمنظمات القانونية أن تأخذ مشكلة المياه بعين الاعتبار وتضع حداً لتجاوزات الدولة التركية.

والسؤال الآخر كان الحديث حول دور المرأة ضمن القطاع الاقتصادي والزراعي، وأن المرأة عبر التاريخ كان لها الدور الكبير من ناحية الاقتصاد والتدبير المنزلي، وكذلك اكتشافها الزراعة قبل حوالي 9500 عام قبل الميلاد أي خلال العصر الحجري الحديث، وبظهور الأنظمة الطبقية وأجهزة الدولة والسلطة أُبعدت المرأة عن ذلك واستمر هذا الشيء إلى الآن حيث أردفت الإجابة على الشكل التالي:

نحن في الإدارة الذاتية المرأة دخلت كافة مناح الحياة، وشاركت الرجل في كل شيء ونخص بالذكر هنا الجانب الاقتصادي حيث تعتبر المرأة الركن الرئيسي والفاعل في ساحة الاقتصاد، والنواة الرئيسية لها فالمرأة في شمال وشرق وسوريا أخذت دورها بشكل تام سواء من ناحية الزراعة والاقتصاد أيضاً من خلال فتح مراكز تشغيل تديرها وتعمل ضمنها وأدى بالتالي إلى استقلاليتها بعد أن كانت جليسة المنزل غير فعالة في المجتمع، ولم يسمح لها بأخذ دورها في ظل السلطة الذكورية القائمة سابقاً.

وفي الختام تطرق السيد كاركر بالحديث على الاقتصاد والمجتمعي بشكل خاص الذي يعتبر من الدعائم الأساسية للاقتصاد في الإدارة الذاتية وهي الوسيلة الناجعة للاكتفاء الذاتي وتطبيق نظام التعاونيات “الكوبراتيف” ضمن مناطق الإدارة الذاتية، والمجالات التي تدخل ضمن أولويات العمل وعن هذه التجربة خدمت أو ستخدم المجتمع بشكل عام؛ أوضح كاركر:

هدف الاقتصاد المجتمعي هو التوفيق بين أهداف التنمية الاقتصادية من جهة والمساواة والعدالة الاجتماعية من جهة أخرى بحيث يكون الفرد في صلب اهتمامات عملية التنمية، وفوق أي اعتبارات اقتصادية مثل الربح أو التراكم حيث تزايد اهتمام العالم بالاقتصاد المجتمعي بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008 التي أظهرت مساوئ نمط الانتاج الرأسمالي.

فتحقيق الاقتصاد المجتمعي وإشراك الشعب بالاعتماد على نفسه في العملية الانتاجية، والاقتصاد المجتمعي يعتمد على الاقتصاد الكومينالي من خلال التعاونيات والجمعيات حيث تعمل التعاونيات وما شابه في العديد من قطاعات الاقتصاد المختلفة حيث أثبتت أنها أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الأزمات فهي تعمل على تعزيز المشاركة الاقتصادية، ومحاربة التدهور البيئي وتغير المناخ وخلق وظائف جديدة كما وتساهم في الأمن الغذائي والمحافظة على رأس المال المالي وإبقائه داخل المجتمعات المحلية وتقوية القيم الأخلاقية والمساهمة في تحقيق السلام من خلال تحسين الظروف المادية للأفراد وأمنهم.

ويشكل النسيج التعاوني المكون الرئيسي لقطاع الاقتصاد المجتمعي في شمال وشرق سوريا، وذلك بالنظر إلى حجم مساهمته في التنمية الاقتصادية وقدرته على الإدماج الاجتماعي.

وبالتالي تحقيق التعاون والتنسيق بين أفراد المجتمع من الناحية الاقتصادية وتطويرها بالاعتماد على المواطنين، والنمو الاقتصادي المدمج هو نمو لا تتركز ثماره ضمن طبقة الأغنياء فقط وإنما تتوزع على شرائح واسعة من المجتمع وتدمجهم في الحياة الاقتصادية.

ومن العوائق التي اعترضتنا بدايةً هي كيفية تغيير الذهنية القديمة والتعامل مع النظام الاقتصادي وكذلك خلال السنوات السابقة إلى الآن والمنطقة تتعرض للهجمات والتهديدات، ومن أهدافنا كاقتصاد مجتمعي هو تحرير المنطقة والسوق من الاحتكار والاستغلال.

الجمعيات التعاونية هي التطبيق العملي لفكرة الاقتصاد المجتمعي، ونحن نقوم بمتابعة ومساعدة كافة الجمعيات للوصول إلى حد جيد للاكتفاء الذاتي، ولدينا رؤى ونعمل بها حالياً في تحويل الأراضي غير المزروعة في القرى بمشاركة العديد من المزارعين ضمن القرية لزراعتها لما يعود نفع ذلك للمجتمع ككل، وكذلك قمنا بتشجيع المداجن وتشجيع الثروة الحيوانية وتنميتها وكان معمل “زوزان” للألبان والأجبان الذي أنشأناه في ديريك من حصيلة عملنا ونتاجنا. ونحن حالياً بصدد تنظيم الأسواق المجتمعية لأن المجتمع إذا اعتمد بشكل جدي ورئيسي في المنطقة ونحن على تنسيق دائم مع كافة الهيئة المعنية بالاقتصاد.

وكل هذه الخطوات التي نقوم بها تصب نحو الاكتفاء الذاتي للمنطقة ويتطلب هذا الشيء مجهود كبير من قبلنا والقائمين على الاقتصاد المجتمعي ويعتمد بشكل أكبر على مكوناتنا ومدى تعاونهم لتحقيق الهدف المنشود.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *